سَطوَةُ الفَراغ: نصوص من الجَوفِ الأوحَش

BY: Administrator


ليتَ الذينَ وَهبناَهُم سرائرَنا ،، في زَحمَةِ الخَطبِ أغلوا ما وَهبناهُ

– بدوي الجبل

 

هَل ينطَفئ الإنسان؟

وهل يستمرّ بالعَيشِ مُنطَفِئًا؟

وهَل تظلّ الروح أسيرة الجَسد إذا أُتلِفَت قبل تَلَفِه؟

 

كُنّا نشتعلُ فيما أذكر،

كنا نتّقد..

شغفًا وحُبًّا..

كُنّا نُضيء

هَل تَذكُرين؟

ولكنّ لا دوام لحال، ولا بقاء لمَقام

والعشق كالمناصب، كَيفٌ مُتنقِّل

ولو دامَت لغيركَ ما اتّصلَت إلَيك

 

 

حَذَارِ من الاعتقاد أنّكَ تركتَ فراغًا

أنتَ الفراغ كلّه

أقولها ثانيةً: أوجَعتني، عُدّ !

– محمّد طملية، أربع شفاه ولسان واحد

 

لماذا تتسّع الجروح بدلًا من أن تلتئم؟

ولماذا يزداد الصَدى عِوَضَ أن يتلاشى؟

احتلّنا الغياب وسادَ الفضاءَ صمتٌ طويل

واتّسع الأسى وضاقت السُبُل وتفتّقت جِراح الداخل

وتقرّحت جُدران الروح من شدّة الجفاف

 

كان يَظنُّ أنّه يستحقُّ مَسَارًا غير الذي سارَ فيه

قالت له المَرأة الغريبة: لقد كَبُرتَ قبل أوانِك !

كانت حقيقةً ظلّ يُؤجّلها، فَلمَ يعترِف بها لنفسه

وحينما أُلقيَت إليه، بطريقة همجيةٍ، هكذا بلا مُقدِّمات

تسمّر مكانه… وأصابه فَزَعُ الكَشف والتعرية

وشعر بأنّه مَكشوف وعاري، فأخذ يرتجف

وأخذَ يعتذرُ لنفسهِ عن ذَنبٍ لَم يقترفه..

 

 

كنُتُ أعيش طوال الوَقت في كذبة،،

لا يُوجَد أيّ شيء في الداخل

– Evanescence,

 

قال له العرّاف: أرى فيكَ حُزنًا لَن ينفكّ، وتعاسةً لَن تُفارقُك، ولستُ متأكِّدًا إن كُنتَ ستنجو هذه المرّة

وكان يُوهِمُ نَفسَه طوال الوَقت أنّه سينجو، كان يقتات على آمال مُمزّقة هُنا وهُناك

وتذكّر مقولَةَ ابن عطاء السكندريّ: ما قادكَ شيءٌ مثلُ الوَهم

فشقّت نفسُه على نفسِه

ونظر فأنّ أنينًا يُقطّع جدران القَلب

فألهمه مُلهِم، فدعا: لئن نجّاني الله من هذه لأكوننّ من الشاكرين.

 

 

العالَم لَم يَعُد ساحِرًا..

وأنتَ بقيتَ مَهجورًا..

– بورخيس

مَهجور… هذا أدقّ وَصفٍ مُمكِن، لقد كُنتُ مُمتلئًا مِن قَبل !

ما الذي تأمله من وجودِكَ؟

أنتَ الذي تَعبُرُكَ الأيّام، وتُحطّمكَ الأماكن، ويسحَقُكَ الشعور، الشعور الزائد

 

قال وتذكّر حقيقةً ظلّ يُنكرها: أنتَ لا تعيش، أنتَ تتنفّسُ فحسب !

كان من المُفتَرَض أن تَعبُر، لكن انظر لنفسك، صرت ساكنًا، مهزومًا وعالِقًا

 

لا نَلوم الخارج الذي دَخَل..

بل الداخِل الذي خلقَ الفَراغ

– قول منسوب لابن خلدون*

 

أخوَفُ ما أخاف عَليك، الفَراغ، وأخشى ما أخشاه أن تبتلعُكَ دوّاماته

الصوت يَخفُت

الكلمات تهرب

العبارات تقصر

الأنفاس تبرد

العقل مُستَنزف

الطريق طويل

الرِفاقُ مُتعَبون

.


مَهلًا أيّها المُعلِّم، فإنّا مُتعَبون، مُتعَبون !

– إزرا باوند، شاعر أمريكي